دعاء ليلة القدر ... يفرج الكروب ويشفي النفوس المتأزمة

اعداد د. أحمد سامح
ينتظر المسلمون ليلة القدر في شهر رمضان المبارك في تلهف وشوق واحتياج
طلبا للمغفرة والتوبة عن المعاصي والدعاء بتفريج الكروب وشفاء الصدور
المتأزمة والدعاء والصلاة في
هذه الليلة المباركة التي تشرق بالغفران وتأتي بالشفاء وتمنح السعادة.
والدعاء في ليلة القدر وطلب المغفرة والرحمة والعفو والتوبة عن الذنوب هو
نوع من العلاج ووسيلة شفاء تعتبر من افضل طرق العلاج وانجع سبل الشفاء
النفسي التي يتبعها الطب النفسي الحديث.
قال تعالى في محكم آياته «قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا
من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم» سورة الزمر
آية «53».
واذا ما تسامح الضمير واستشعر بالعفو منه والصفاء بينه وبين النفس زالت العقد النفسية وعاد الانسان إلى حالته الطبيعية.
في هذه الدراسة نثبت ان ليلة القدر لا يحيط بقدرها الادراك البشري ومشرق السعادة والاطمئنان والشفاء.
ونثبت ايضا ان الايمان والعقيدة والعبادات تظهر اثارها وفاعليتها في اوقات المحن والشدائد.
وتنتهي هذه الدراسة إلى ان دعاء ليلة القدر يريح النفوس المتأزمة ويشفي الصدور ويفرج الكروب.

الدعاء في ليلة القدر التي هي خير من الف شهر كما جاء في الذكر الحكيم
ومناجاة المولى عز وجل وطلب المغفرة والتوبة عن الذنوب والمعاصي هو من
انجع وافضل طرق العلاج واساليب الشفاء التي يقرها الطب النفسي كوسائل علاج
متبعة حديثا.
التوبة علاج نفسي
قال تعالى في محكم آياته «قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا
من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم» الزمر: آية
53.
قرر علماء النفس ان جميع الامراض النفسية ترجع إلى الكبت الذي يسبب عقدا
نفسية لا شفاء منها الا بما يسمونه التحليل النفسي الذي يتم بان يجلس
الشخص في عيادة الطبيب النفسي ويعترف باخطائه وهذا الاعتراف يقول عنه
الاطباء انه وصفة منطقية سلوكية تكشف اخطاء المريض فيراها ويشعر بها فتحدث
مهادنة بين النفس والضمير فيتسامح الضمير.
واذا ما تسامح الضمير واستشعر العفو منه والصفاء بينه وبين النفس زالت
العقد النفسية وعاد الانسان إلى طبيعته. ولهذا فإن العقد النفسية ليست
وهما كما ان الالم والظواهر التي تصاحب هذه الامراض انما هي اشد من
الامراض العضوية وتماثلها في الاعراض.
واذا كان علاجها هو الاعتراف بالخطأ امام الطبيب ليتسامح الضمير فكيف
الحال عندما يقر الانسان باخطائه ويعترف بذنوبه امام الغفور الرحيم عز وجل
في الليالي المباركة كليلة القدر التي هي خير من الف شهر.
فشتان بين الاعتراف امام الله سبحانه وتعالى الغفور الرحيم والاعتراف امام الطبيب ليتسامح الضمير.
دعاء ليلة القدر شفاء
جاء في الحديث النبوي الشريف «من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
فالدعاء في ليلة القدر فيه راحة للنفس القلقة وتهدئة للاعصاب المتوترة
ومناجاة لله سبحانه وتعالى تشفي الصدور المتأزمة وتفرج كروب النفس وشعور
المسلم بان الله يغفر ذنوبه التي اثقلت نفسه بالمعاناة والقلق والخوف
والندم وما تسببه من انفعال وحزن واكتئاب.
والشعور بالغفران في ليلة القدر يشرح الصدر فتحل الطمأنينة والسعادة محل
القلق والخوف والحزن الذي له تأثيرات خطيرة على الصحة النفسية والجسدية.
وعدم القنوط من رحمة الله سبحانه وتعالى هو اساس الصحة النفسية فصدق الله
تعالى حين قال «قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة
الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم».
علاج للأمراض والنفسجسمانية
دعاء ليلة القدر لا يشفي النفوس المتأزمة فحسب بل يشفي كثيرا من الامراض النفسجسمانية.
فقد اثبت الطب الحديث بابحاثه العلمية ودراسته الطبية المتقدمة ان كثيرا
من الامراض المستعصية كالاضطرابات العصبية والامراض المناعية والامراض
الروماتيزمية ونوبات الذبحة الصدرية والازمات الربوية وكثيرا من الامراض
الجلدية.
كذلك اضطرابات القولون وتشنجاته والقرح الهضمية ما هي الا اعراض جسمانية
تعبر عن حالات نفسية ناشئة عن اضطراب نفسي مثل القلق والخوف والغضب التي
تؤثر في وظائف اجهزة الجسم وتضعف جهاز المناعة فيه.
وعندما تحل الطمأنينة والراحة النفسية وانشراح الصدر مكان الخوف والقلق
والتوتر يكون المسلم في مأمن من هذه الامراض او يبرأ منها إذا كان قد اصيب
بها.
كذلك فإن القلق والخوف والحزن تجعل العقل الباطن يصدر اوامر للاعضاء
والاجهزة المصابة كوسيلة من وسائل تدمير النفس لان جسم الانسان خلق ولديه
الوسائل الدفاعية التي لو استخدمت الاستخدام الصحيح لامدته بقوة هائلة
للشفاء والوقاية من الامراض.
وانشراح الصدر وانفراج الكروب والطمأنينة تنمي قوى الشفاء وتقويها وتعززها.
الإيمان علاج للخوف والحزن
قال تعالى في كتابه العزيز «الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب» سورة الرعد: اية 28.
وقال عز وجل «هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم» سورة الفتح: آية 12.
وجاء في الذكر الحكيم «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب» سورة الطلاق: آية 32.
يقول الدكتور كارل يونغ وهو اعظم علماء النفس: «ان كل المرضى الذين
استشاروني خلال الثلاثين عاما الماضية من كل انحاء العالم كان سبب مرضهم
هو ضعف ايمانهم وتزعزع عقيدتهم ولم ينالوا الشفاء الا بعد ان استعادوا
ايمانهم.
ولا عجب ان يصل الباحثون والاطباء إلى الحقيقة العلمية والقاعدة الطبية
«انه لا علاج لهذه الحالات الا بالايمان بالله القادر الواحد الاحد».
علاج للقلق والتوتر
يقول دكتور وليم جيمس استاذ علم النفس بجامعة هارفارد «اعظم علاج للقلق
ولا شك هو الايمان». ويقول دكتور بريل «ان المرء المتدين حقا لا يعاني قط
من مرض نفسي».
ويقرر علماء النفس ان الاطباء النفسيين يدركون ان الايمان القوي
والاستمساك بالدين كفيلان بان يقهرا القلق النفسي والتوتر العصبي وان
يشفيا هذه الامراض.
اوليست الدعوة الاسلامية إلى الايمان المطلق بالله وقاية للانسان من القلق
والتوتر والخوف وعلاج ووقاية من الاصابة بجميع الامراض والعلل النفسية وهي
الخوف والحزن والهم والاكتئاب والتوتر والانفعال والقلق وما ينجم عنها من
الاصابة بالامراض النفسجسمانية نتيجة العلل النفسية والكثير من الامراض
العضوية التي تنجم عن هذه الحالات النفسية واسميناها نفسجسمانية
«سيكوسومانية» لابد من تحسين الحالة النفسية وعلاج العلل العصبية حتى تخف
حدة اعراضها ثم تشفى مع شفاء الحالة النفسية واستعادة النفس لتوازنها
واستقرارها العاطفي وهدوئها الذي يتحقق بدعاء ليلة القدر التي لا يحيط
بقدرها الادراك البشري وتشرق بالسعادة والاطمئنان والشفاء.


«ألا بذكر الله تطمئن القلوب»

ختم القرآن في رمضان علاج للتوتر والقلق

تلاوة القرآن الكريم وختم المصحف الشريف في شهر رمضان له ثواب عظيم وأجر كبير من الله سبحانه وتعالى.
ولا تقتصر فائدتها على الاجر والثواب بل هي شفاء للنفس القلقة وعلاج
للتوتر العصبي اللذين يرهقان النفس البشرية ومفيدان لصحة الجسد بسبب
اضطراب النفس وقلقها.
الطب الحديث والأثر النفسي للقرآن
لقد اثبت العلم الحديث والدراسات الطبية الاثر النفسي المهدئ للقرآن فقد
استعملت اجهزة الكترونية مزودة بالكمبيوتر لمراقبة وقياس اي تغييرات
فسيولوجية عند عدد من المتطوعين الاصحاء اثناء استماعهم لتلاوة قرآنية وقد
تم تسجيل وقياس اثر الاستماع لآيات القرآن الكريم عند عدد من المسلمين
المتحدثين باللغة العربية وغير العربية وكذلك عند عدد من غير المسلمين.
وبالنسبة لغير المتحدثين بالعربية مسلمين كانوا او غير مسلمين فقد تليت
عليه مقاطع من القرآن الكريم باللغة العربية تم تليت عليهم ترجمة
بالانكليزية.
ومن هذه المجموعات اثبتت التجارب المبدئية التي اجريت وجود اثر مهدئ
للقرآن الكريم في 97 في المئة من التجارب في شكل تغييرات فسيولوجية تدل
على تخفيف درجة توتر الجهاز العصبي التلقائي ويمكن ان يعزى ظهور التأثير
للقرآن الكريم الى عاملين:
• العامل الأول: هو صوت الالفاظ القرآنية باللغة العربية بغض النظر عما
اذا كان المستمع قد فهمها او لم يفهمها وبغض النظر عن ايمان المستمع.
• العامل الثاني: فهم معاني المقاطع العربية التي تليت ولو كانت مقتصرة
على التفسير بالانكليزية من دون الاستماع الى الالفاظ القرآنية باللغة
العربية.
الأبحاث العلمية والدراسات المقارنة
كما أجريت دراسات مقارنة لمعرفة ما اذا كان اثر القرآن المهدئ للتوتر وما
يصاحبه من تغييرات فسيولوجية عائدا فعلا للتلاوة القرآنية وليس لعوامل غير
قرآنية مثل صوت او نغمة القراءة العربية او لمعرفة السامع بأن ما يقرأ
عليه هو جزء من آيات القرآن الكريم.
وقد استعمل جهاز قياس درجة التوتر بالكمبيوتر ونوعه ميدال «2002» والذي ابتكره وطوره المركز الطبي بجامعة بوسطن بالولايات المتحدة.
بعبارة اخرى فإن هدف هذه المرحلة الثانية هو تحقيق افتراض ان كلمات القرآن
في حد ذاتها لها تأثيرها الخاص حتى لو كانت غير مفهومة لدى السامع.
ولتحقيق هذا الافتراض العلمي من عدمه امكن استخدام جهاز خاص مزود بالكمبيوتر يقوم بقياد ردود الفعل الدالة على التوتر بوسيلتين:
احداهما: الفحص النفسي المباشر عن طريق الكمبيوتر.
والاخرى: مراقبة وقياس التغييرات الفسيولوجية في الجسد عن طريق:
• برنامج للكمبيوتر ويشمل الفحص النفسي ومراقبة وقياس التغييرات وطباعة تقرير النتائج.
• أجهزة مراقبة الكترونية مكونة من اربع قنوات:
- قناتان لقياس التيارات الكهربائية في العضلات معبرة عن ردود الفعل العصبية.
- قناة لقياس قابلية التوصيل الكهربائي للجلد.
- قناة لقياس كمية الدورة الدموية في الجلد وعدد ضربات القلب ودرجة حرارة
الجلد... فسمع زيادة وتخفيض درجة حرارة الجلد تسرع ضربات القلب... ومع
الهدوء ونقصان التوتر تتسع الشرايين وتزداد كمية الدم الجاري في الجلد
ويتبع ذلك ارتفاع في درجة حرارة الجلد ونقصان في ضربات القلب.
تجارب الاستماع وتجارب الصمت
أجريت المؤسسة الطبية الاسلامية 210 تجارب على خمسة متطوعين اصحاء ثلاثة ذكور واثنين اناث متوسط اعمارهم 22 عاما.
وكل المتطوعين كانوا من غير المسلمين ومن غير الناطقين بالعربية في هذه المرة.
تليت على المتطوعين قراءات قرآنية باللغة العربية المجودة خلال 85 تجربة
اخرى وقد روعي في القراءات الاخيرة ان تكون باللغة العربية المجودة بحيث
تكون مطابقة للقراءات القرآنية من حيث الصوت واللفظ والوقع على الأذن.
ولم يستمع المتطوعون لأي قراءة خلال 40 تجربة اخرى سميت بتجارب الصمت كان
المتطوعون فيها جالسين جلسة مريحة وأعينهم مغمضة وهي نفس الحالة التي
كانوا عليها اثناء الـ«160» تجربة السابقة التي استمعوا فيها للقراءات.
ومنذ التجارب الاولى في هذه المرحلة الثانية ظهر بوضوح ان الجلسات الصامتة
لم يكن لها اي تأثير مهدئ للتوتر واقتصرت التجارب المتأخرة على جلسات
الاستماع بنوعيها مع مراعاة تغيير القراءات القرآنية بالنسبة للقراءات غير
القرآنية بصفة مستمرة فمرة تكون القراءة القرآنية بالنسبة للقراءات غير
القرآنية سابقة للأخرى ثم تكون تالية لها في الجلسة التالية او العكس دون
علم افراد التجارب.
النتائج العلمية
استطاعت المراقبة الدقيقة لأجهزة الكمبيوتر ان تأتي بنتائج واضحة الاعتماد
عليها كمؤشرات لمتغيرات ثابتة تبدأ من عندها اي تجارب مستقبلية حيث اثبتت
القياسات المسجلة نتائج ايجابية بنسبة 65 في المئة في تجارب القراءات
القرآنية.
وهذا يدل على ان الجهد الكهربائي للعضلات كان اكثر انخفاضا تأكيدا على اثر
مهدئ للتوتر في حين ظهر الاثر في 35 في المئة فقط من تجارب القراءات غير
القرآنية.
وقد أمكن تكرار هذه النتائج الايجابية للألفاظ القرآنية بالرغم من اعادة
تغيير ترتيبها بالنسبة للقراءات الاخرى ما اكد الثقة في هذه النتائج مرة
ثالثة ما يفتح مجالا جديدا وواسعا لعدد كبير من الافتراضات والاحتمالات
المستقبلية.
واستنادا الى القواعد الطبية الثابتة نجد ان التوتر يؤدي الى نقص المناعة
في الجسم لمقاومة الامراض فإنه من المنطق ايضا افتراض ان التأثير القرآني
المهدئ للتوتر يمكن ان يؤدي الى تنشيط وظائف المناعة في الجسم والتي
بدورها ستحسن من قدرة الجسم على مقاومة الامراض.
ومن ذلك كله يتجلى الاعجاز العلمي في المجال النفسي والعصبي للالفاظ
القرآنية في معالجة التوترات النفسية والعصبية مصداقا لقوله تعالى: «ألا
بذكر الله تطمئن القلوب» وقوله ايضا: «وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن
قلوبكم به».


منقول

المصدر...